📁 آخر الأخبار

العلاقة بين الرضاعة الطبيعية والوقاية من السرطان

 العلاقة بين الرضاعة الطبيعية والوقاية من السرطان

تُعدّ الرضاعة الطبيعية من أهم مراحل الرعاية الصحية الأولية التي يحتاجها الرضيع في بداية حياته. فهي لا تقتصر على كونها وسيلة لتغذية الطفل فحسب، بل تُعدّ عملية متكاملة لها آثار إيجابية على صحة الأم والرضيع، جسديًا ونفسيًا.

في هذا المقال، نستعرض قطرة من أبرز الحقائق العلمية حول الرضاعة الطبيعية، مدعومة بتوصيات المنظمات الصحية العالمية.

العلاقة بين الرضاعة الطبيعية والسرطان

دور الرضاعة الطبيعية في الوقاية من السرطان

أثبتت الدراسات الطبية أن الرضاعة الطبيعية تلعب دورًا وقائيًا في تقليل خطر إصابة الأم ببعض أنواع السرطان، ولا سيّما سرطان الثدي وسرطان المبيض. يُعتقد أن هذا التأثير يعود إلى عدة عوامل بيولوجية وهرمونية، من أبرزها:

    تثبيط التبويض لفترات طويلة:

    أثناء فترة الرضاعة، تنخفض مستويات الهرمونات المرتبطة بالتبويض مثل الإستروجين، والذي يُعدّ من العوامل المحفّزة لنمو بعض الأورام السرطانية، خاصة في أنسجة الثدي.

    التخلص المنتظم من الخلايا التالفة:

    تُساعد الرضاعة على تجديد خلايا الثدي، مما يُقلل من احتمال تراكم الخلايا غير الطبيعية التي قد تتحول لاحقًا إلى خلايا سرطانية.

    تحفيز نمط حياة صحي:

    الأمهات المرضعات غالبًا ما يتبعن نمط حياة أكثر وعيًا صحيًا، مثل التغذية المتوازنة والابتعاد عن التدخين، ما يعزز التأثير الوقائي للرضاعة.

وقد أكدت منظمة الصحة العالمية أن النساء اللواتي يُرضعن لفترات أطول يتمتعن بنسبة أقل للإصابة بسرطان الثدي لاحقًا في الحياة، خاصة إذا استمرت الرضاعة لأكثر من سنة.

ألرضاعة الطبيعية تحمي من السرطان

هل الرضاعة الطبيعية تحمي الطفل من السرطان

سؤال مهم، والإجابة عليه تعتمد على ما أظهرته الأبحاث حتى الآن، هل تحمي الرضاعة الطبيعية الطفل من الإصابة بالسرطان؟

أشارت العديد من الدراسات الحديثة إلى وجود علاقة محتملة بين الرضاعة الطبيعية وانخفاض خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان في مرحلة الطفولة، ولا سيّما سرطان الدم (اللوكيميا).

كيف تعمل الرضاعة الطبيعية كعامل وقائي؟

    تعزيز المناعة الطبيعية:

    يحتوي حليب الأم على خلايا مناعية، وأجسام مضادة، وإنزيمات مضادة للالتهاب تساهم في تقوية الجهاز المناعي للطفل، مما يجعله أكثر قدرة على مقاومة العوامل التي قد تؤدي إلى الطفرات الخلوية.

    تأثيرات مضادة للأكسدة:

    يتضمن حليب الأم مركّبات نشطة حيوياً تعمل كمضادات أكسدة، مما يساعد على تقليل الإجهاد التأكسدي، وهو أحد العوامل المرتبطة بتطوّر السرطان.

    توازن بكتيري صحي في الأمعاء:

  تعمل الرضاعة الطبيعية على دعم تكوّن ميكروبيوم صحي في أمعاء الطفل، ما يرتبط بانخفاض الالتهابات المزمنة التي قد تكون عاملاً ممهّدًا لبعض الأمراض المزمنة والمناعية.

نتائج الدراسات:

    دراسة نُشرت في Journal of Clinical Epidemiology أظهرت أن الرضاعة الطبيعية لأكثر من 6 أشهر قد تُقلل من خطر الإصابة بسرطان الدم بنسبة تصل إلى 20%.

    هيئة الصحة العامة البريطانية تدعم الرضاعة الطبيعية كوسيلة للوقاية من الأمراض المزمنة، مع الإشارة إلى احتمالية تقليل مخاطر بعض أنواع السرطان.

ملاحظة مهمة:

على الرغم من أن هذه المؤشرات مشجعة، فإنها لا تعني أن الرضاعة الطبيعية تمنع السرطان تمامًا، بل تُعدّ عاملاً من عدة عوامل تساهم في تعزيز الصحة العامة والوقاية على المدى الطويل.

المدة المثالية للرضاعة وأثرها في الوقاية

تشير الأبحاث إلى أن مدة الرضاعة تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق الفوائد الوقائية، خصوصًا فيما يتعلق بالسرطان. كلما طالت فترة الرضاعة الطبيعية، زادت الحماية لكل من الأم والطفل. توصي منظمة الصحة العالمية بالرضاعة الطبيعية الحصرية لمدة 6 أشهر، مع الاستمرار حتى عمر سنتين أو أكثر، حيث أظهرت الدراسات أن هذه المدة ترتبط بانخفاض ملحوظ في معدلات الإصابة بسرطان الثدي والمبيض.

الرضاعة الطبيعية والتوازن الهرموني

الرضاعة تُحدث تغيرات هرمونية طبيعية في جسم الأم، حيث تنخفض مستويات هرمون الإستروجين لفترات طويلة، وهو ما يقلل من تحفيز الخلايا التي قد تتحول إلى خلايا سرطانية في أنسجة الثدي أو المبيض. هذا التوازن الهرموني يُعدّ أحد العوامل الرئيسة في الحماية من السرطان لدى النساء المرضعات.

تلعب الرضاعة الطبيعية دوراً جوهرياً في تنظيم التوازن الهرموني في جسم الأم، عبر آليات فسيولوجية طبيعية تحدث استجابةً لعملية الرضاعة. ومن أبرز هذه التأثيرات:

1. انخفاض مستويات الإستروجين والبروجستيرون:

خلال فترة الإرضاع، تنخفض مستويات هرموني الإستروجين والبروجستيرون، اللذين يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بنمو الخلايا في أنسجة الثدي والمبيض. هذا الانخفاض يقلل من التحفيز الهرموني للخلايا، مما يُسهم في تقليل احتمالية حدوث طفرات سرطانية.

2. ارتفاع هرمون البرولاكتين

يُفرز البرولاكتين لتحفيز إنتاج الحليب، ولكنه في الوقت ذاته يُثبّط عملية الإباضة. هذا التثبيط يُقلل من عدد دورات الطمث التي تمر بها المرأة خلال حياتها، مما يُقلل من تعرضها المتكرر للهرمونات المُرتبطة بخطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض.

3. إفراز هرمون الأوكسيتوسين

يُفرز هذا الهرمون أثناء الرضاعة استجابة لتحفيز الحلمة، وله دور في انقباض الرحم، لكنه أيضاً يُساهم في تقليل التوتر وتعزيز الروابط النفسية، مما يدعم التوازن النفسي والهرموني معًا.

4. تقليل الاضطرابات الهرمونية:

من خلال تأثيرها الطبيعي على الدورة الشهرية والإباضة، تساعد الرضاعة في تقليل الاضطرابات الهرمونية التي قد تكون مرتبطة بحالات مثل متلازمة تكيس المبايض (PCOS)، والتي تُعد أحد عوامل الخطر لبعض أنواع السرطان.

الرضاعة الطبيعية مقابل الحليب الصناعي

الحليب الصناعي

 التأثيرات الهرمونية على الأم والطفل

بينما يُعدّ الحليب الصناعي بديلاً غذائيًا شائعًا في بعض الحالات، إلا أن تأثيره الهرموني يختلف جذريًا عن الرضاعة الطبيعية، خصوصًا فيما يتعلق بصحة الأم والطفل على المدى البعيد.

أولاً: التأثيرات الهرمونية على الأم

1-   الإباضة

  • ·      الرضاعة الطبيعية: تُثبط الإباضة طبيعياً بفضل ارتفاع البرولاكتين، مما يقلل من تعرض الجسم للتقلبات الهرمونية
  • ·      الحليب الصناعي: لا تؤثر على الإباضة؛ تعود الدورة الشهرية بشكل أسرع، مما يزيد التعرض لهرمونات مثل الإستروجين

2- الهرمونات الوقائية     

  • ·      الرضاعة الطبيعية: تحفّز إفراز هرموني البرولاكتين والأوكسيتوسين، المرتبطين بصحة الثدي والمزاج    
  • ·      الحليب الصناعي: لا تحفّز إفراز هذه الهرمونات بنفس الدرجة

3-  الوقاية من السرطان   

  • ·      الرضاعة الطبيعية: مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض 
  • ·      الحليب الصناعي: لا توفر الحماية نفسها من السرطان

ثانياً: التأثيرات الهرمونية على الطفل

1-   الهرمونات المناعية    

  • ·      الرضاعة الطبيعية: يحتوي حليب الأم على هرمونات وعوامل نمو طبيعية تعزز المناعة وتساهم في تنظيم النمو 
  • الحليب الصناعي: يفتقر إلى الهرمونات الطبيعية ويُعالج صناعياً لتعويض بعضها

2- الميكروبيوم المعوي    

  • ·      الرضاعة الطبيعية: يدعم تكوين توازن بكتيري صحي، يؤثر على المناعة وتنظيم الهرمونات .
  • ·      الحليب الصناعي: قد يؤثر سلبًا على التوازن البكتيري المعوي لدى الرضيع

3-   نمو الجهاز العصبي    

  • ·      الرضاعة الطبيعية: يحتوي على أحماض دهنية وهرمونات تدعم تطور الدماغ.
  • ·    الحليب الصناعي: لا يحتوي على المركبات البيولوجية الدقيقة الموجودة في حليب الأم

خلاصة المقارنة

بينما يوفر الحليب الصناعي بديلاً غذائيًا في حالات الضرورة، إلا أن الرضاعة الطبيعية تتميّز بتأثيراتها الهرمونية المعززة لصحة الأم والطفل، وتُسهم في الوقاية من العديد من الاضطرابات والمخاطر الصحية على المدى الطويل، خاصة تلك المرتبطة بالتغيرات الهرمونية، مثل السرطان وأمراض المناعة.

أهمية الرضاعة الطبيعية


الرضاعة الطبيعية كأسلوب وقائي متكامل

إلى جانب الوقاية من السرطان، تعمل الرضاعة الطبيعية على:

  • ·      خفض معدلات السمنة في الطفولة، والتي تُعدّ عامل خطر مستقبلي للسرطان.
  • ·      تعزيز أنماط النوم الصحي للطفل، مما يؤثر على تنظيم الهرمونات والنمو.
  • ·      دعم صحة الجهاز الهضمي وتقليل الالتهابات المزمنة، التي ترتبط بدورها بتطور بعض أنواع السرطان.

التثقيف والدعم المجتمعي كعامل تمكين

على الرغم من الفوائد المثبتة للرضاعة الطبيعية، إلا أن كثيراً من الأمهات يواجهن تحديات في الاستمرار بها. لذا فإن نشر الوعي وتوفير الدعم المجتمعي والطبي يُعدّ عاملاً مهماً لتمكين الأمهات من اتخاذ قرار مستنير يدعم صحتهن وصحة أطفالهن على المدى البعيد.

الرضاعة الطبيعية هي استثمار في صحة الطفل والأم على حد سواء. إنها ليست مجرد وسيلة للتغذية، بل ركيزة أساسية لبناء مناعة قوية، علاقة عاطفية متينة، ونمط حياة صحي ومستدام. احرصي على دعم هذه الرحلة الفريدة بالمعلومات الصحيحة والوعي الكامل.

 

تعليقات